رغم وجود كم لا بأس به من المبتعثين الذين يسجلون تجاربهم -ذات المحتوى الممتاز- و ينشروها (بأي منصة كانت) ، الا اني لسبب ما لم اتابع هذه التجارب، باستثناء المبتعث البراء العوهلي، الذي اتخذ كغيره الكثير منصة سناب شات لتسجيل شبه يومياته في كوكب اليابان الجميل. و لأسباب كثيره مستحقه حصل البراء على متابعين و قاعدة معجبين ممتازة. التحدث عن البراء قد يطول لذلك سأركز على نقطة اثارها في احد الايام في احدى سناباته (هذا عيب سناب شات الضخم، عدم الارشفه).
البراء يركض
حقوق الصورة محفوظة للبراء العوهلي
من يتابعه على السناب شات خصوصا و الشبكات الاجتماعيه عموما يعلم مدى هوس البراء بالركض، بالنسبة له فالركض هو اسلوب حياه و حريه و فكر قبل ان تكون رياضه. و ركز على هذا الجانب من حياته كثيراً… كثيراً… كثيراً! و (يبدو) انه جائه ما توقعت شخصيا ان يسمعه من احد متابعيه:
“انت مبتعثينك اليابان عشان تركض؟”
اتذكر البراء ذكره لهذه الجمله و كأنه يقولها على لسانه من ذكر شخص اخر بدون ان يشير الى هوية هذا الشخص. و هنا استرسل البراء في عدة سنابات معلقاً على هذا الموضوع بأن ما يصوره الشخص و ينشره في شبكاته الاجتماعيه ما هي إلا نافذه صغيره و محدوده من حياة المبتعث او الاشخاص عموما. فهو يحضر ورش العمل الخاصه به، يقابل بروفيسوراته بالجامعه، يكتب، الخ من نشاطاته الاخرى، لكن يركز عالركض و مشاريعه الشخصيه بشكل اكبر في سناباته لأنها نافذه شخصيه لنشاطات شخصيه.
و هذا المنطقي! اكاد لا أصدق الكثير من غير المبتعثين عند تعليقهم السلبي على نشاطات المبتعثين الغير دراسيه اذا تم نشرها على الشبكات الاجتماعيه. تعليقات من شاكلة “انت رايح تدرس مو تخربط” ، “اترك اللي في يدك ورح المكتبه ذاكر” ، “ايه ماخذينها سياحه!”. رغم ان جميع هاؤلاء الاشخاص يقولون لنا في نفس الوقت “ استناس/ وسع صدرك في الغربه/ خفف ضغط الدراسه بالنشاطات الجانبيه/ تعلم الثقافه مو بس دراسه”. تناقضات تجعل كثير من المبتعثين ينفجروا!
اسأل نفسك: هل من المعقول ان شخص يدرس لخمس ساعات ان يصور نفسه و هو يدرس طول هذا الوقت؟ نعم سؤال سخيف يبين لك مدى في الجانب الاخر سخافة هذا النوع من التعليقات الذي يتلقاها المبتعثين!
أول خطاب لي امام جمهور، لكن هذا لا يهم…
الصورة كانت لحفل العام 2014 مع الصديق و المبتعث الرائع يزيد الضويان
في حادثة حصلت لي في عام ٢٠١٢ (تحدثت عنها بشكل اكبر في تدوينة “خطاب امام جمهور كبير، نجاح و فشل“)، كنت في اول شهور ابتعاثي و ظهرت لغتي و شخصيتي بصورة جدا ممتازة في شهور قليله جدا، حتى ان طلبت مني رئيسة النادي السعودي ان اكون من ضمن المقدمين في الحفل السعودي! و هي مهمة ليست سهله اطلاقا لشخص لم يمضي شهرين من ركوبه طائره لأول مرة في حياته! تخيل القائك لكلمة امام جمهور يتجاوز ال٣٠٠ شخص و باللغة الانجليزية! رغم ترددي الا اني قبلت المهمه، و قام كل الفريق الذي تجاوز ٣٠ مبتعثه و مبتعث بالعمل لشهرين متواصلين بالتجهيز لهذا الحفل من فقرات تعريفية بالمملكه و الاسلام وصولا للطبخ و كلها فقرات اخذت جهد بشري و مادي كبيرين.
بعد القاء فقرتي بأقل اخطاء لغويه و تلعثمات امام جمهور كبير، نزلت من المنصه و انا احس بفخر بنفسي على انجازي الشخصي الرائع و الجميع هنئني على خطابي الجاذب للأسماع. جائت فقره تظهر الموسيقى و الفلكلور السعودي و صعد معظم اصدقائي للمسرح و بدأوا بتأدية فقرتهم، من باب المتعه و المشاركة حصلت اخيراً على فرصة لتصوير فيديو للحفل المنظم بشكل رائع و صورت الرقصه السعوديه و رفعتها على الانترنت…. و كانت غلطة. صدمت بمدى سلبية التعليقات اللتي تلقيتها من اصدقائي و الغرباء بالمملكه في تويتر. حتى ان احد الاصدقاء الاعزاء الغى متابعتي منذ ذلك اليوم اذ لم يخب ظني. حاولت ادافع عن ما رأوه، لكن كانت كمية الغضب و السطحيه اكبر من اتحمل نقاشها ففضلت التوقف و حذف كل شي متعلق بهذا الفيديو. كان درس تعلمته، الناس لن تحكم اطلاقا على الصورة الكبيره بل سوف تحكم على نقطة في بحر او الاسوء ان يتصيدوا في الماء العكر.
اذا …
- اترك سطحية حكمك على حياة و فكر شخص في قبسات بسيطه ينشرها هذا الشخص. الانسان اكثر تعقيدا من بضعة صور و “سنابات”.
- تذكر وقت تنمرك على شخص خلف الشاشه، ان هناك انسان بمشاعر و احاسيس يقرأ هذا التنمر.
- من الطبيعي تماما استخدام المبتعث للشبكات الاجتماعيه لأننا شعب يتستخدمها بشكل كبير و هي وصلة تواصل ممتازة له مع بلده. و من الطبيعي ايضا تركيز نشره لمحتويات لحظاته الممتعه من وناسة مع الاصدقاء و سفر و نحوه و ليس دراسته واختباراته و محاضرته لأنه مشغول بها اصلا! الموضوع بهذه البساطه.
- اذا لم تخرج للغربه لفترات طويله، فأنت لاتعلم شعور القلق و الحساسية و التردد اللتي يعيشها المبتعثون لأسباب اجتماعيه، دراسيه، ماديه، نفسيه و حتى سياسيه. لا تزد همهم هماً.
- الابتعاث ليس فقط غرق في الكتب و المكتبه و المختبر. بل هو اسلوب حياه يتطلب من المبتعثين الخروج و التجربه و الوقوع في الخطأ و الصواب لكي يتعلموا. من الطبيعي ان تراه في محيط مختلف و قد يتصرف بشكل مختلف، هذا لا يجعله و لا يجعلها اشخاص سيئين. تذكر انهم اناس خرجوا من فقاعة مجتمعنا السعودي و هم في طور تجربه جديده غامضه و مثيرة!
شاركني رايك في التعليقات، تهمني ارائكم كثيرا!