هذه التجربه كانت هي افضل تجربه لي في رحلة ايطاليا بأكملها! بدأت عند اكتشافي لـAirbnb Experience، و عند البحث وجدت هذه “الجولة السياحيه” اللتي تقدمها فتاة ايطاليه، و وعدتنا بتجربة “محليه” قدر الامكان، اي انها تبتعد عن تجربة السياح التقليديه. اذا، فالنبدأ بهذه الجوله!

افخم تاكسي!

بدأت تجربتي حقيقه بتجربه أٌخرى لطيفه، حيث اني تأخرت كثيرا على الموعد و اضطررت لاستخدام Uber، و هو خيار احتفظت به اخيرا لرغبتي بتوفير الميزانيه قدر الامكان (اسعار اوبر تختلف من دولة لاخرى، في ايطاليا، الاسعار مرتفعه مقارنة بالسعوديه). عند الطلب، تفاجئت بسيارة مرسيدس طراز metris بلونها الاسود تقف امامي، احسست و كاني عضوا دبلوماسيا! ركبت بداخل المركبه و كانت تلمع “حرفيا” من الداخل و الخارج. السائق كبير في السن و لا يتحدث الانجليزيه، يلبس بزة سوداء و كانه شوفير خاص، ابتسم لي و لحسن الحظ قد ادخلت احداثيات الوصول له مسبقا، رأها و انطلق اليها بكل احترافيه، و كان يصدع في السياره اخبار التاسِعه صباحا بتوقيت روما.

نُقطة الإلتقاء كانت في احد المقاهي المحليه، رحبا بي منظما الجوله باللغه الانجليزيه، شاب و شابه في منتصف العشرينات من عمرهم، اعطوا الجميع حقيبه مصنوعه من القماش و بداخلها علبة ماء فقط، توجهت لغرفة التجمع و التقيت ببقية افراد الجوله، امرأتين يابانيتيين بعمر السبعين او الثمانينن و يتمتعون بالصحه اللتي نسمع عنها دائما، يرتدون ملابس جميله و رحبتنا بي بلغة انجليزيه طلِقة جدا! و عائله اخرى جذبت الانظار بسبب طولهم الفارع! تجذابت الحديث مع امهم و ذكرت بانهم من اسرائيل!  لدي عوده لهم لاحقا في هذه التدوينه 🙂 .

زيارة لسوق الخضار و اللحوم

الذي كان قمة تجربتي في ايطاليا! ابتدأت الجوله بأخذنا للسوق المحلي في احد ضواحي مدينة روما، سوق صغير بداخل اشبه بالمركز التجاري الصغير، يحتوي على محلات تبيع الخضار و الفواكه، اللحوم، و مشتقات الحليب. يغلب على البائعين تقدمهم في السن، و يبدو انهم تُجار محليون يملكون المتاجر منذ فتره طويله، لكن ايضا ستجد الكثير من اهل الهند و بنغلادش الذين يعملون لدى التجار! مُنظمي الجوله نظموا مسبقا مع بعض المحلات لتقديم عينات من منتجاتهم لنا، لتشجيعنا على الشراء من اصحاب التجاره المحليه.

كان زيت الزيتون ينصب من الجنه! لم اقاوم رغبة شراء علبتين منها

المحل الاول قدم لنا قطعة جبن من مزرعته الخاصه، يرافقها عسل و شريحة من لحم الخنزير. محل اخر قدم لنا افضل زيت زيتون تذوقته في حياتي كلها! يختلف عن ما يصلنا في السعوديه بخفة قوامه و نظارة طعمه، تم اغرائي بشده و اشتريت منه علبتين (كنت متخوف بسبب صرامة شحن السوائل في الطائره). و غيرها من التجارب الاخرى: تذوق الخبز و الجبن و الفواكه الذيذه جدا. يبدو ان لذتها ترجع كون المزارعين يمارسون طرق انتاج غير تجاريه بحيث يحافظون على الجوده و ليس الكميه. في المجمل قضينا قرابة الثلاث ساعات ممتعه هنا.

اعتذارات اسرائيليه!

عندما قدمت الام نفسها لي (للاسف لم استطع التقاط اسمها) و ذكرنا لبعض لأيً الدول ننتمي، تغيرت ملامحها الى نوعا من الارباك او الحرج! شخصيا فهمت ماذا يحصل في جزء من الثانيه و بدأت ابتسم لها 🙂 ! لان في الحقيقه لا املك اي مشاعر تجاه الشخص الذي امامي بسبب اشياء متعلقه بالسياسه و الدين و نحوه. فجأه حاولت هي تغطية احراجها من لغة جسدها بعبارة اعتذار “عن ما يحصل”، بدأت اقول بداخلي “اوه.. اتمنى ان لا ياخذ النقاش منحنى لا ارغب بدخوله” و اكملت هي قائله “بان هذه المشاكل مؤسفه و اتمنى ان يحصل السلام”. مجددا حاولت الابتعاد و الهروب من هذا النقاش بالايماء و الابتسام بصمت.

اعلم ان البعض تأخذه الحماسه و قد يدخل في نقاش و دفاع و عروبه و نحوه، لكني اخترت عدم الدخول وراء اجنده او قضايا، انا هنا للسياحه و الاستمتاع و التعلم. استمرت الام بملاطفتي و السؤال و المزاح و كأنها تريد توصيل رساله بانهم لطيفون، تقبلت شخصيا جميع ملاطفاتها بشكل سمح و قضيت وقتا مسالما معها. المضحك عندما ذكر احد ابنائهم عرضيا بان الاب الكبير في السن الذي كان يرافقهم كان جنديا سابقا،تغيرت لامحها مجددا!! و كأنها لا ترغب بأن انظر له بنظرة انه القاتل الظالم.

هل جربت ماكرونا نيئة؟

ليس بالضروري ان تجد البيتزا دائريه هنا

إقرأ المزيد ←

صباح الخير من روما! و افضل بداية هي ان اعيش صباح ايطالي قدر المستطاع،  اخترت ان اتوجه الى Bar Trani الذي يقع بالقرب من غرفة Airbnb لحصوله على تقييمات مرتفعه، لم يخب ظني! احببت كونه مقهى صغير جدا تديره تلك العجوز المليئة بالنشاط، ويقع خلف البار باريستا ياتون الكثير لأجله كونه “وسيم” ! توجهت للسيده و القيت التحيه باللغه الايطاليه، واجهتني بابتسامه لطيفه، طلب بلطف كابتشينو و كروسان، تغيرت ملامحها بسرعه لاني كنت اتحدث الانجليزيه! قلت بداخلي (يا الهي.. مرة اخرى -_-)، بدات اكرر طلبي بابتسامه محرجه، كلماتها و حركة جسدها كانها تقول “انا لا افهمك!”، لحسن الحظ تفرغ الباريستا -الوسيم- لي قليلا و حدثني بانجليزيه ضعيفه:

ماذا تريد؟

كابتشينو و كروسان فقط :’)

اممممم… اذا اجلس!؟!

لم افهم لماذا قالها بصيغة سؤال استنكاري، و كأن لسان حاله يقول لماذا لم تجلس اذا كنت ترغب بالفطور؟ عموما، ناولني فطوري الذيذ. و بدات اتناولها ببطئ، تلك اللحظه تذكرت نصيحة الكثير من المسافرين بأن تأخذ لحظه و تتوقف عن الانغماس بجوالك او حتى وجبتك الذيذه، و استمتع بما يحصل حولك. هنا كانت لحظه رائعه، بدات انظر حولي، ادرس لغة جسدهم، الحظ كيف تدخل اشعة الشمس البارده الى الداخل، الباريستا النشيط و هو يصرخ بكلمات ايطاليه لا افهمها. كانت تلك احدى “لحظات الانغماس” الرائعه.

متحف الفيديو قيمز و اسوء لعبه في التاريخ!

بداية اليوم كانت بالتوجه لمتحف VIGAMUS، و هو متحف صغير يقع في الدور السفلي لمبنى عتيق و جميل في احد ضواحي روما، اتجهت لهناك قرابة الساعه التاسعه باستخدام الميترو. سعر الدخول هو سبعه يورو. للأسف فان المرشد السياحي يحتاج حجز مسبق.

اسطورة دفن اللعبه اصبح حقيقه، عام 2013، تم اكتشاف مئات اللاف من النسخ مدفونه في ولاية نيو مكسيكو.

اذا كنت عاشق لتاريخ الفيديو قيمز، ستجد ضالتك هنا، يحتوي المتحف على اندر و اقدم اجهزة الفيديو قيمز اللتي صدرت، بداية من جهاز الـPing Pong (اول جهاز فيديو قيمز في التاريخ) الى عام 2015 مع اجهزة الجيل السابع. يوجد ايضا اجنحه تختلف كل فتره، اثناء زيارتي خصصوا جزء كامل للعبه E.T اللتي صدرت عام 1982 من شركة اتاري عندما كانوا ملوك السوق ذاك الوقت. قصة لعبة E.T مثيره للاهتمام، حيث كانت تكاد السبب في انهاء صناعة الفيديو قيمز، و كانت بداية النهاية لموت شركة Atari. هذا الوثائقي ذو الاربع دقائق يوثق رحلة الحفريات اللتي استخرجوا فيها اللعبه. يوجد محاكي يمكنك من خلالها تجربة اللعبه، جربها لكن.. اللعبه حقيقه تافهه و سيئة جدا -_- ..

السلالم الاسبانية

السلالم الاسبانيه، يفضل زيارتها في الليل لاجواء رومنسيه اكثر و لوجود اضائه جميله. لكن كما ترى في الصوره، حتى في النهار السياح يتدفقون بكثرة لهذا المكان

بعد خروجي من المتحف توجهت لوجبة الغداء، كانت في مطعم Cacio e Pepe لقربة بمسافة مشي من المتحف، طلبت الاسباغيتي فقط، كانت لذيذه و مشبعه! انصح بزيارته اذا كنت باقرب من المنطقه. كانت الخطوه اللاحقه هي الوصول للسلالم الاسبانيه، تم بنائها قبل 293 سنه و لازالت بحاله رائعه! تبدأ من عند ساحة Piazza di Spagna الرائعه و تنتهي بالقمه عند كنيسة ترينيتا دي مونتي.

مسلة Flaminio Obelis

يوجد بالقرب الشديد منها ساحة Piazza del Popolo، انصحك بزيارتها لوجود “مسلة” (عامود) ضخمه باسم Flaminio Obelis، وهي واحده من ثمانية مسلات في روما، تم بنائها من قبل الفراعنه و اخذها الرومانيون و احضروها الى روما! شعور رائع عندما تستوعب بأن هذا البناء الضخم تم بنائه قبل اربعة الاف سنه، و انه تم نقل كل هذا الحجم الهائل من مصر الى اوروبا!! وقت كنت منبهرا بالوقوف اسفل العامود، استمتعت لعازف شوارع (Street performer) رائع جدا كان يعزف للمارة على الة الكمان. ضع له عمله معدنيه و ارقص مع حبيبتك 🙂 …. (يتذكر انه سعودي عزوبي لول).

درس كيفية تحضير الاسبريسو الايطالي!

صُدموا تماما عندما عملت لهم Latte art، اعتقدوا اني مبتدئ 🙂 !

اثناء تخطيطي للرحله في السعوديه، حجزت موعد مع باريستا يقدم دروسا في تحضير الاسبريسو و مشروباته المختلفه (عن طريق AirBNB experience)، اللقاء كان من المفترض ان يتم الساعه الرابعة مساءً، تواصل معي منسق الدرس عن طريق تطبيق Airbnb يسأل اذا كان بالأمكان تأجيل الموعد الى الساعه الخامسه، وافقت و اتجهت هناك على الموعد، عند وصولي رحب بي و كان في التجربه شخص اخر، سيده في منتصف الثلاثينيات تقريبا، صافحتني بلطف و بدأت بدردشة خفيفه، اسمها ميليسا وهي من البرازيل، و كانت في روما لأكمال اوراق هجرتها الى ايطاليا! كان بجانبا زبون ابطالي يتحدث الانجليزيه و كان يحاول قدر المستطاع الدخول في حديث مع ميليسا، و كان يتضح عليها انزعاجها و مجاملتها له، انتهى لقائهما بمحاولته البائسه بتقبيلها على خديها و اللتي قبلتها على مضض، انا شخص اتأثر بالـ Awkward vibes بسرعه و كان وجهي هكذا طوال محادثتهم.

جائنا منظم الدرس، رحب بنفسه، و هنا لأول مره استمع لرجل ايطالي “يدردش”، سوف تلحظ بانهم اشخاص بالعاده في حالة استرخاء، يأخذون وقتهم في الحديث و الاجتماع. رحب بنفسه و بدا تماما بالغزل في ميليسا في كل لحظه تتاح له منذ البدأ ! لم اعر الموضوع اهتماما، عيناي كانت متجهه بشكل كبير لالة الاسبريسو الاحترافيه اللي يملكها. اراها في كل مكان لكن لم اجرب التحضير عليها في حياتي و كانت هذه فرصتي.

ترك الطاوله للحظه، و هنا حاولت فتح محادثه صغيره مع ميليسا، و اول شي خرج من فمي الابله كان:

“كانوا يزعجونك اليس كذلك؟”

“اه، اني معتاده على هذا، جميع الرجال هكذا”

“*انا مره اخرى*”

رجع و احضر لنا مشروبي اسبريسو مع بعض حبوب البن لكي يشرح لنا عن انواع البن و كيف نتذوقها و نستمتع برائحتها، هنا صدمت بان القهوه لدى الايطاليين ليست لذيذه بالحقيقه!! حبوب البن لديهم يتم حمصها بطريقة عاديه و لاتتوافق مع طرق الحمص المختصه كما اعتدت عليها في الرياض و الدمام! نعم.. القهوه المختصه في السعوديه تتفوق بسنين ضوئيه عن تلك اللي ارتشفتها على يد باريستا ايطاليين! عموما، تلك التجربه كانت متعبه لجهازي العصبي، منذ بداية شربي للقهوه قبل خمس سنوات و انا وعدت نفسي: مشروب قهوه واحد فقط في اليوم! هذا الشخص احضر لنا ما مجموعه سبعة اكواب! كنت اتجاذب الحديث كثيرا مع ميليسا، في الحقيقه هي شخص لطيف جدا و بدات بذكر تاريخ اهلها الذي يعود بالاصل لايطاليا، و هي ترغب بالخروج من البرازيل رغم كونها موظفه ناجحه بشركتها، لكنها ارهقت تماما (burned out) من وظيفتها. شاركتها نفس الشعور و اني ارغب بالاستقلال و افتتاح مقهى قهوه خاص بي.

في اخر اللقاء توجهنا خلف الـBar و بدأ بشرح كيفية تحضير اسبريسو بالطريقه الايطاليه، استغرق بعض الوقت مع ميليسا، لكن شخصيا لم احتاج لشرح مطول لمعرفتي المسبقه بتبخير الحليب و ضغط الاسبريسو و تركيبه بالطريقه الصحيحه. كانت تجربه ممتعه بحق و مخيفه لي نوعا ما كوني اتعامل مع الة كبيره و قوية بدل تلك الالات الرخيصه الضعيفه الموجهه للاستخدام المنزلي. انتهى اللقاء باعطائه هديه لطيفه (كوب اسبريسو مع صحن، استخدمهم بشكل شبه يومي!)، تبادلت الارقام مع ميليسا اللطيفه و ودعنا بعض بعض قرابة الساعه السابعة مساء. و هنا شي اخر، الحياه لدى الايطاليين في روما لاتتوقف مساء مثل اغلب المدن السياحيه الكبيره. لذلك ستشعر بالامان اثناء التجول مساء (لكن بكل تأكيد، استخدم حدسك، سيكثر المتسولين و السكارى كل ما تأخر الوقت).