كانت الفكرة في بالي منذ فتره، وهي النقطاع عن الانترنت و التخفيف من الالكترونيات (Digital Detox). قررت عملها بعد تشجيع من صديقتي العزيزه. خصوصا بعد تجمع كثير من الاسباب اهمها:
١- تويتر: هو السبب الرئيسي، بشكل عام الانترنت يأخذ من وقت شي لا يصدق، لكن يكاد تويتر يشكل ٦٠٪ من وقتي الانترنتي. و ليست هذه المشكلة، بل محتوى تويتر السعودي السلبي بدأ يشكل ضغط نفسي مؤثر! من يتابع تويتر السعودي يكتشف بأن اغلبه مشاكل اجتماعيه عجيبه غريبه تجعلك تكره هذا المجتمع المليئ بالأمراض النفسيه و الرجعيه. و مشكلتي هي: اندماجي العميق مع هذه المشاكل، النقاش بها بحده، و حمل همها في عقلي! قد تقول: “طيب ليش حارق دمك؟” بالضبط، هذا ما ذكرته لنفسي،ليش انا حارق دمي؟؟!. تعرضي المستمر لهذا التخلف المجتمعي جعلني اصاب باحباط، مع الذكر باني تجنبت مشاكل السياسه و الاقتصاد، و لا كدت سأنفجر تماما منذ زمن!!
٢- الشبكات الاجتماعيه الاخرى: هناك محتويات بها تجعلني اصاب بمزيد من الاحباط و الغيره. خصوصا اني اعيش في حياة اجتماعيه ميته تماما هذه الشهور بسبب عملي، مما يجعل كل شي اخر جميل!
٣- عدم ممارستي هواياتي السابقه: الفيديو جيمز، متابعة السينما و المسلسلات، و قراءة الكتب. كلها هوايات حميله بدات تفقد طعمها و تضيع او اتشتت منها بسبب اني امسك بالهاتف المحمول اقرا اخر التغريدات و المنشنات و فلتر “طوق الورد”!
اذا… ماذا فعلت؟
الساعه ١٢ منتصف الليل اغلقت مودم الانترنت بأكمله لكي لا تصل له اي من اجهزتي الالكترونيه (لابتوب، تابلت، كيندل، بلايستيشن، هاتف محمول)! توجهت للنوم و في الصباح الباكر رجعت لشيئ جميل لم اتكلم عنه مسبقا و لم امارسه منذ عام ٢٠١٤.
التأمل (Meditation)
حقيقه ترددت بالتحدث عن هذه النقطه لان التأمل هو شي غير معتاد في مجتمعنا و قد يراه الكثير بأنه شيئ لا فائدة منه و مضحك و غريب، رغم ما يذكره المجتمع العلمي و الاشخاص الناجحين ذوي الانجازات بفوائد التأمل.. كنت امارسه في الولايات المتحده وقت مررت بحالة صعبه لكن انقطعت عنه لاحقا.
حصل لي شي مثير للاهتمام، حيث اني اعاني من تزاحم و كثرة الافكار و الاصوات في رأسي لدرجة احيانا -كثيره- يصعب علي النوم من كثرة الافكار و القلق و الازعاج الدائر في عقلي! الساعه السادسه صباحا من يوم الجمعه الهادئ، توجهت لمنتصف غرفتي، و انتصبت بوضعيه مريحه و جلست في هدوء تمام، اغمضت عيني و بدات اتنفس بعمق و حاولت ان ابعد عقلي عن كل شي، و اركز فقط و فقط على صوت تنفسي، لا افكار، لا صور، لا قلق، لا محادثات، لا تخطيط، لا شي! و هنا حصل شيئ… الاصوات و الافكار بدات ترتفع تدريجيا داخل عقلي! افكار مزدحمه و غريبه و جميع الامور التي اقلق منها بدات تصرخ داخلي! تصرخ!! كانت مزعجه و متشابكه لدرجة بدات اشك اني شخص مصاب بالجنون او اني غير طبيعي! حاولت مرارا وقف هذه الافكار و التركيز على التنفس لكن … استسلمت تماما! هنا ادركت مدى الازعاج النفسي الذي اعيشه من دون افرغه. توقفت عن الجلسه و قررت قراءة كتاب املكه عن التأمل. و صادف انه يتحدث تماما عن نقطة الازعاج الكبير و جنون عقلك و جسمك الغير معتادين على هذا الهدوء و الانقطاع المفاجئ.

جلسة تأمل.. استخدمت سجادة الصلاة و طويتها لترفع ظهري قليلا
بعد بضع ساعات قررت التجربة مجددا لكن باستخدام مرشد تأمل قد حملته مسبقا على هاتفي. الوضع الان افضل بكثير! حيث ساعدني وجود المتحدث و الموسيقى الهادئه جدا بالتركيز على صوت الموسيقى و ارشادات المتحدث و انفاسي بطرد جميع الاصوات و المشاكل و الهموم الاخرى. في ١٥ دقيقه احسست بشعور افضل. لا نتائج مباشره و خرافيه هنا! فهذا ليس المقصد من التأمل، بل فقط ان تجعل عقلك في حالة صمت لعدة دقائق، و انعكاسات هذا الشي سيكون لاحقا على يومك.
امور اخرى:
- القراءة: وجدت فراغ و عدم تشتيت مما جعلني افتح كتاب ممتع و قرائته كاملا. ايضا قضيت بعض الوقت في القراءة و التجهيز لمقابله وظيفيه قد احصل على فرصتها هذا الصيف، تعلمت و استمتعت كثيرا.
- الكتابه: هذه التدوينه! لم اكتب اي شي منذ اسبوعين.
- روتين منزلي و شخصي: ترتيب الغرفه، غسيل الصحون، عناية شخصيه …الخ.
- انهاء عملي: ملفات اكسل و اوراق اختبارات تم انهائها جميعها مما يخلق لي فراغ للتجهيز للأختبارات النهائيه و انهاء جميع اجراءات نهاية الفصل الدراسي.
انطباع اخير:
- عقولنا ممتلأه بالضجيج. التأمل (او الصلاة، فهي بديل قد يكون مناسب) هي حلول يجب ان لا نستهين بها في هذا العصر. التأمل شيئ ساعدني بشكل رائع!
- ما نعتبره رفاهية و متعه باستخدام الانترنت في اوقات الفراغ اصبح مفهوم مشوه لأننا نستخدمه كثيرا في قراءة تيار غير متوقف من السلبيه.
- ادركت بان هناك متسع للانقطاع عن الانترنت و لو لعدة ساعات في اليوم. لا ارى ان الانقطاع الكامل ضروري. لكن عالاقل عدة سويعات بسيطه يوميا ستكون كافيه خصوصا في الصباح الباكر.
- الزام نفسي باوقات معينه على الانترنت يجعلني اكثر تركيزا عن ما اريده من الانترنت اصلا. وقت انقطاعي، سجلت الكثير من الملاحظات على ورق عن ما ارغب بالبحث عنها لاحقا في محركات البحث. الان املك قائمة واضحه بدل التخبط و العشوائيه في البحث عن معلومه.
- الناس سيمارسون غبائهم و اخطائهم و تخلفهم يوميا، و العالم سيقتل نفسه بنفسه يوما بعد يوم. لا يد لي في هذا. يجب ان اتقبل هذا الشيئ.
- انا لست محور الارض، عدم تواجدي عالانترنت لن يجعل احدا يفقدني بل قد لا احد ينتبه لغيابك.
- الناس لا تتوقع اجابة سريعه منك بالقدر الذي تتخيله في عقلك. تاخرك عدة ساعات -بالغالب- لن يجعل حياتهم تتوقف و تنفجر!