قفز التوزيعات

اكمالا لتدوينتي السابقه عن دخولي لعالم لينكس، أحد الأشياء التي تصيب الكثير ممن يخطون خطواتهم الأولى -أو حتى المتقدمة- في عالم لينكس هو ما يُعرف بـ “قفز التوزيعات” أو Distro Hopping. هو أشبه بإدمان يصيبك لتجربة التوزيعات بـ “نكهاتها” المختلفة، وتجربة كل واجهة وكل فلسفة تصميم. ما يغذي هذا الإدمان هو أن عملية الانتقال والقفز بين هذه الأنظمة سهل جداً، والأهم من ذلك: مجاني بشكل قانوني تماماً! شخصياً، وقعت في هذا الفخ، وهذه حصيلة رحلتي مع أبرز المحطات:

Ubuntu: الحب الأول والعودة للجذور

قبل 20 سنة تقريباً، كانت Ubuntu هي أول توزيعة لينكس أجربها في حياتي بعد ما رأيت احد المدونين يكتب عنها قرابة عام 2007. لا أزال أذكر شعوري وقتها، كاد ينفجر عقلي المراهق من فكرة أنه يمكنني حمل نظام تشغيل “بأكمله” وتشغيله من خلال USB! حقيقةً، لا يزال هذا الشيء يبهرني حتى اليوم كأنه سحر.

يبدو أن تلك التجربة الأولى تركت أثراً لا يمحى، حيث أن أوبونتو هي فعلياً التوزيعة الرئيسية التي أعمل عليها حالياً. مؤخراً، اشتريت لابتوب بمواصفات ممتازة من سوق المستعمل (بسعر رخيص جداً نسبياً، وهي هواية أخرى لي) وثبتت التوزيعة عليه. النظام أنيق جداً، وهو عامل يهمني كثيراً أثناء الاستخدام اليومي. لكن للأمانة، أصابتني بعض الحيرة أثناء تثبيت البرامج، وما زلت أواجه الكثير من الأخطاء في التيرمنل (Terminal)، لذلك عملية التعلم ما زالت مستمرة و لحسن الحظ مع الذكاء الاصطناعي و كون التوزيعه الاكثر شهره فأن الاجابه على اسئلتي غالبا اصل لها بسرعه.

Linux Mint: الخيار الآمن


إذا كانت أوبونتو هي المغامرة، فإن Linux Mint هي الاستقرار. وجدتها أخف من أوبونتو كثيرا باستخدام واجهة xfce، وتحمل كل شيء أحتاجه وأكثر افتراضياً. لاحظت أن الأخطاء أثناء تثبيت البرامج أقل بكثير مقارنة بأوبونتو، وهي أكثر توزيعة ثبتتها وأحسست شعور انها تعمل كما هي، فهي تعمل مباشرة وتستجيب لكل شيء أطلبه دون تذمر و اخطاء في التيرمنل.

حتى عندما أقنعت أحد أفراد العائلة بإعادة لابتوبه العتيق جداً للحياة بدلاً من رميه، قمت بتثبيت هذه التوزيعة له. ورغم أنها قد لا تكون الأخف على الإطلاق في عالم لينكس، إلا أنها بلا شك الأنسب للمبتدئين ولأي شخص يريد جهازاً يعمل فقط. كنت سعيدا بأول فوز لي باقناع شخص اخر باستخدام لينكس، اللطيف في الامر ان من اقتنع هو ابن اخي ذو ال13 سنه!

Lubuntu: قبلة الحياة

أمتلك لابتوب ثالث قديم جداً يعود لعام 2011 و هو فأر التجارب الخاص بي. لوبونتو يضع كل شي في مكانه الصحيح، انيق، خفيف، و يعمل مباشره بدون ارهاق. لا املك الكثير لأقول عنه، و هذا شي ايجابي!

AntiX: الخفه و فقط الخفه

هذه التوزيعة هي الأكثر خفة على الرام بلا منازع، حيث لم يتجاوز استهلاكها 800 ميغا! وصلت للتوزيعه بعد بحث عن اخف توزيعات لينكس و ارى AntiX دائما الاكثر ذكرا. فكرة التوزيعات الخفيفه مثيره للاهتمام جدا جدا، لكن شخصياً أجدها أقل أناقة وواجهتها قديمة الطراز، وقد لا تناسبني كشخص لا يزال يعتبر نفسه مبتدئاً في خبايا لينكس ويبحث عن الجماليات.

ZorinOS: الجمال والمنطق


أجمل توزيعة لينكس جربتها حتى الآن، نقطة. كل شيء فيها مصمم بشكل… منطقي! هي أكثر توزيعة تحظى بشهرة حالياً، خصوصاً مع انقطاع الدعم القادم لويندوز 10، حيث اعلن مطوريها ان من بعد توقف دعم ويندوز 10 ارتفعت تحميل التوزيعه الى 700 الف تحميل في غضون اربع اسابيع. بصراحة، هي أكثر خيار مغرٍ لي حالياً، وتراودني فكرة الانتقال لها وترك أوبونتو بشكل جدي.

MX Linux: التوازن انيق

أنيقة رغم خفتها. تقع في منطقة وسطى ممتازة بين الجمال والأداء. أفكر جدياً أن أجعلها التوزيعة الأساسية على لابتوبي القديم (ذو الـ 6GB رام)، فهي تبدو وكأنها فصلت خصيصاً لهذه الفئة من الأجهزة.

PROXMOX و تجربة عالم السيرفرات

لا استطيع قول الكثير الان لتجربتي لها قبل ايام قليله جدا، اشتريت كمبيوتر صغير من علي اكسبريس في تخفيضات 11-11 و ارغب ان اتعلم عليه ادارة سيرفر محلي بسيط عليه و تجربة n8n، الموضوع اصعب كثيرا مما توقعت و افكر بالاستسلام لأني لست تقني الى هذا الحد.

تصميم المواقع الشخصيه كان ممتعا في السابق

تذكرت موقع جيران، للأسف لم اجد الكثير من المعلومات عنه بعد البحث في الانترنت، هل كان الموقع من الاردن؟ هل استحوذ عليه مكتوب الذي تم الاستحواذ عليه من ياهو؟ من هو مالك الموقع؟ ماذا يفعل الان؟ اسئله لدي الفضول لمعرفة اجاباتها. عموما، اتذكر استخدامي له كونه يقدم خدمة تصميم صفحه خاصه بك بدومين فرعي يمكنك اختياره، كان شي رائع!

جيران ايضا قدم خدمات اخرى مثل المدونات، و مساحة تخزين سحابيه! رغم انه لم يتم استخدام مصلح “سحابي” ذلك الوقت. اللطيف ان المساحه المقدمه كانت كبيره جدا… تعادل 100 ميجابايت! نعم، ميجا.. انه عام 2006 يا صديقي.

هذا يقودني الى Window live spaces، كانت خدمه مقدمه من مايكروسوفت بين عامي 2006 الى 2011، تتيح لك تصميم صفحه خاصه بك بتحرير بسيط لل HTML او باستخدام ادوات التصميم اللتي كانت حسب ما اذكر سلسله و سهله للمبتدأين. الجميل ان في ذلك الوقت صفحتك الشخصيه كانت فعلا لك انت، تصممها كما تريد، الوان صارخه، تقسيمات موقع مبعثره، موسيقى تشتغل في الخلفيه، استخدام خطوط مختلفه. كانت حقيقه تعبر عن فردانية الشخص. بعكس الان جميع مواقع التواصل الاجتماعي و حتى المواقع المعده مسبقا (مثل مواقع سكوير سبيس) جميعها معلبه و ممله جدا و موحده على الجميع، ملفك يشبه مئة مليون مستخدم اخر..

الانترنت الان ممل و تصميمه المتشابه في كل مكان جعل الكثير يفقدون فردانيتهم..

PICO-8، العوده للبساطه ببرمجه حديثه

جهاز PICO-8 هو جهاز \ نظام خيالي Fantasy console، اي انه جهاز لم يصدر اطلاقا، لكن تم تصميمه ليحاكي العاب الريترو. فلسفته هي ان تصميم الالعاب يكون محدودا في 16 لون و بوضوح 128×128 و بحجم 32 كيلو بايت. ما هو السبب لهذه المحدوديات؟ لانها تعطي المطور تحدي بتصميم لعبه بكود نظيف و بسيط و تقديم لعبه ممتعه. هذا بحد ذاته خلق مجتمع من المطورين و اللاعبين الذين يقدرون البساطه و النظافه في التصميم و الافكار و فرصه لطرح افكار تطوير حديثه بتقنيات محدوده، و يبعد المحتوى الرخيص او التجاري مثل ما يحصل مع العاب الموبايل كمثال.

لماذا المطورين يختاروا PICO-8 لتطوير العابهم؟ احد الاسباب هي اداة التطوير نفسها، بيئة برمجه واحده مبسطه و واضحه يفهمها حتى من ليس لديه خلفيه قويه في التطوير، بيئة التطوير الموحده هذه تجمع ادوات للانميشن، الموسيقى و المؤثرات الصوتيه و غيرها. يضاف اليه كذلك ان محدودية التطوير هي شي ايجابي بتقنين المطور في مساحه ضيقه تجعله يستغل هذه المساحه الصغيره قدر الامكان بعيدا عن التشتت و الطموح العالي بزياده الذي قد يضر المطور و يجعله في حالة شلل.

اغلب العاب PICO-8 مجانيه و صغيرة الحجم، يمكن لعبها عن طريق المتصفح، او عن طريق تنزيل المحاكي على ويندوز و اندرويد و لينكس (غير مجاني)، او عن طريق محاكي طرف ثالث Fake-08 و هو مجاني، شخصيا استخدم جهاز Miyoo Mini Plus لتشغيل العاب PICO-8