تجربة (اخرى) للانقطاع عن الانترنت ليوم كامل

تنبهت انه مرت اكثر من سنه على تجربتي الاولى في الانقطاع عن الانترنت اللتي دونت عنها هنا. في المرة الاولى قررت الانقطاع لاحساسي بضغط شديد من سلبية الشبكات الاجتماعيه اللتي كنت مدمن عليها بشكل كبير، سيل من التغريدات السلبيه الغير متوقفه و متابعتي لها و التفاعل معها (عاطفيا اكثر من المشاركه الفعليه بالكتابه!) كان غريبا حتى بالنسبة لي، لذلك قررت تلك السنه الانقطاع و الانصراف لنشاطات جميله تركتها كالقراءه و الكتابه و الفيديو قيمز.

هذه المره، مبدئيا قررت الانقطاع مره اخرى لنفس الاسباب، لكن في نفس الاسبوع حصل تغيير لهذه الفكره… بعد مرور حدث شخصي لايسع المجال لذكره، بدأت اسئله قديمه تظهر على السطح، و هي اسئله كنت اتهرب منها كثيرا، و اطفئها متى ما ظهرت بالانشغال بالعمل و الترفيه و الاهم هو ادمان الشبكات الاجتماعيه و الترفيهيه (YouTube, Netflix…). اسئله مثل (ما هي مهمتي في الحياه؟ ما هي الاهداف اللتي ارغب بتحقيقها؟ هل انا… حقا سعيد؟ هل يمكن ان استغل وقتي و شبابي في تحقيق اشياء اكبر من ما افعله حاليا؟ و و و … بدات كرة الثلج من الاسئله تتدحرج و تكبر و تكبر في رأسي.. و لمدة اربعة ايام كانت جل ما افكر فيه!

نهاية حقبه

اذكر تماما متى بدأت حالة التجاهل و ضياع الهدف و طعم الحياه، و هي تماما بعد رجوعي من الولايات المتحدة، و وضع ختم النهايه على الفصل الثالث من حياتي، و كان اجمل فصولها! و بدأ الفصل الرابع، و دخلت فيه في معمعة البحث عن العمل و الغربه الممله و تخدير النفس بعد ساعات عمل طوال بالاكل الغير صحي و الترفيه. لايعني ان حياتي كانت سيئة جدا، فقد كونت اجمل الصداقات في هذه السنتين و تحسنت صداقات قديمه (و تخليت عن صداقه كانت تسبب لي سلبية كبيره..). و ارتفع مدخولي المادي و اكملت هدف ان اصرف على نفسي من دون الاثقال على الاهل. لكن الامر انحصر -تقريبا- على هذين الشيئين. لم ارى اهداف و طموحات اخرى اعمل لها بجد، كان لدي الكثير من “الاحلام”، و ليست “اهداف” اعمل لها بوضوح و تقدم يوما بعد يوم.

و من هنا، بدل ان انقطع لارتاح من الجو السلبي، قررت ان انقطع لاقضي على الاقل يوما مع نفسي، احادثها و تحادثني، مواجها كل ما يخطر على بالي من دون اي تشتيت او تجاهل بـ”مخدرات” جانبيه كالانترنت بشكل عام و الشبكات الاجتماعيه بشكل خاص، خلوه شخصيه اذا صح التعبير.

لا افكار مفقوده..

نجم اليوم كان نشاط تسجيلي لكل خواطري و ملاحظاتي من دون اية اعذار! لطالما وضعت اعذارا سخيفه: لا املك مذكرة مناسبه، دفتر مذكراتي قبيح و ممل، التسجيل على الهاتف المتنقل لا روح فيه..الخ! نعم هذه حرفيا الأعذار اللتي كنت أضعها في رأسي!. ذاك اليوم تجاهلت كل هذه الاعذار و بدات بالكتابه في كل شي، ورقه مرميه بجانب الشقه، ملاحظات الجوال، و حتى التسجيل الصوتي وقت كنت امارس الرياضه!! كلها جهود لتدوين كل خاطره تحط رحالها و تقلع هاربة في ثواني معدوده.

نشاطات مؤجله

كما ذكرت في بداية التدوينه، المقصد الرئيسي من هذا اليوم هي عزله ليست للهدوء بل لاكتشاف النفس، يومي لم يكن هادئا تماما، حيث استطعت ان اجد وقت -و مزاج اجباريا- لممارسة اشياء كثيره كنت أؤجلها:

  • مارست الرياضه بالركض، اكتشفت بسرعه كيف لياقتي تدهورت كثيرا منذ اخر سنه!
  • فيديو قيمز لتقليل الباكلوغ المتكدس!
  • نظمت جوالي الذي كان يعاني تكدس الملفات السخيفه من صور و فيديوهات الواتساب و غيرها، حتى تجاوز حجم الملفات المحذوفه 2GB ! و ايضا نسقت ملفات مهمه اخرى بحيث يسهل لي الوصول اليها.
  • مكالمات هاتفيه بدل ان تكون رسائل نصيه بارده

لكن الاهم هو ان بالي كان مشغولا و حذرا و مفكرا لفترات طويله بامور اعمق كنت اتجنبها كثيرا ايضا، في اليوم الذي سبقه حاولت ان احفظ كثير من المقالات في جهاز الكيندل لكي اقرئها بهدوء، اغلب هذه المقالات تتحدث عن طرق لاستكشاف الذات و ايجاد نفسك في عالم مليئ بالاهتمام بلترفيه او حتى باقرب الناس لك لكن نسيان نفس. ايضا احتفظت ببعض الفيديوهات اللتي تتحدث في نفس افق هذه المواضيع و اطلعت\ استمعت لها. تلك المقالات و الفيديوهات كانت محفز رائع و تجعلني اتوقف للحظات كثيره (مجددا، لا يوجد ما يشتتني) و ابدا اتفكر بدون انقطاع، و اتصور (visualize) مستقبلي بشكل اعمق و اطول من المعتاد. هل حصلت على اجابات كامله؟ ليس تماما، لكن كونها نقطة انطلاق لاستكشاف بعض الاجوبه و بدأ تطبيق بعض القرارات في حياتي.

اهم خطوة اتخذتها

هي كتابة خطتي المبدئيه لما اريده في هذه الحياه، ما هي الأحلام، و الاهم، ما هي الخطوات الصغيرة اللتي ستقودني لتحقيق هذه الاحلام. قرأت و تابعت الكثير من طرق كتابة خطة الحياه، و اكاد اجرأ و اقول ان كلها تتبع نفس النظام تماما!!! ما يختلف هو الخطب و النصوص التشجيعيه و افكار لما ما تتضمنه خطة الحياة بالغالب.

الفكرتين الثابتتين

  1. اكتب هدفك الكبير جدا، ثم فصله لاهداف كبيره، ثم فصلها لاهداف صغيره، ثم صغيره جدا… و هكذا…. فقط!!! نعم! هذا هو نفس النظام الذي تكرر في كل مقاله و فيديو تابعته.
  2. يأتي بمسميات مختلفه لكن احب مسمى S.M.A.R.T لانه المستخدم في بيئة عملي ايضا. بحيث اهدافك يجب ان تكون (S: Specific,  M:Measurable, A: attainable, R:Ralavent, T: Time based)

مثال لهدف كبير لكن لا يتبع نظام S.M.A.R.T
– احلم بالذهاب لأوروبا.

مثال لهدف كبير يتبع النظام

  • اريد السفر لأوروبا
    • زيارة اسبانيا، ايطاليا، و السويد
  • بحلول عام 2020
    • ما بين شهري ابريل و اغسطس.
    • مدة الرحله: ثلاثة اسابيع متواصله
  • بعد حساب تذكرة السفر و الفنادق و تأجير السياره، احتاج لميزانية 30 الف ريال
    • الرحله بعد 24 شهرا، اذا 30,000 تقسم 24= 1250 ريال احتاج ان احفظها شهريا.

النظام سهل، التطبيق صعب، ايجاد الهدف نفسه سيقودك للجنون!

لا ترهق نفسك بالبحث عن طريقة كتابة خطة حياه، الاغلب ستقرأها بهذا النظام الذي ذكرته بالاعلى. اللارهاق و الفزع يتضمن في البحث اصلا عن ما تعتبره انت حلم، ما هو الشيء \ الاشياء الي ترغب بها حقيقة؟ ما هو الشيء الذي سيسبب لك شعله من السعاده و حس الانجاز؟ ما هو الهدف الذي اذا كنت على فراش الموت ستقول لنفسك انك سعيد بتحقيقه؟ هذا هو السؤال الضخم الذي ستقضي فترات طويله لكي تكتشف اجابته المتعدده. هذا السؤال الذي تحتاج لسنوات من القراءه و اكتشاف النفس لكي تجد حقيقة لب السعاده الخاصة بك. شخصيا حتى بعد كتابة قرابة ثمانية اهداف رئيسيه لحياتي، يوميا اراجعها و اسأل نفسي: هل بجد هذا ما ارغب به في الحياه؟! الا يوجد شي مفقود؟

حسنا، ماذا الان؟

جمعة الهدوء كما احب ان اسميه كانت نقطة توقف و مراجعة ذات رائعه و احتجتها كثيرا، لم اجد اجابات كثيره، و لم اتوقع ان اجدها بأي حال، لكنها كانت فترة لطيفه لحوارات نفس كثيره و ممارسة نشاطات ممتعه و مهمه. اخطط لعملها مرة اخرى هذا الاسبوع و ان اجعلها عادة بحيث ان اعملها مرتين شهريا، لكنه امر لازلت افكر فيه و لم اجعله هدف.

رأيان حول “تجربة (اخرى) للانقطاع عن الانترنت ليوم كامل

  1. لو كان هناك اكثر من نجمة لفضلتها جميعها ….. ابدعت ..
    سبحان الله لدي تدوينة في المسودات لدي احاول فيها ان أتناول هذا الموضوع بالذات ونفس الأسئلة والتي طالما كانت تؤرقني، لكن لم استطع ويبدوا انها ستبقى طويلا … سدد الله خطاك وسخر لك جميع خلقه ..

    Liked by 1 person

    1. اهلا و سهلا ^_^ ! و اشكرك على كلماتك اللطيفه.

      فكرة هذه التدوينه كانت عالقه منذ السنة الماضيه! الاسبوعين الماضيين كانوا هم الدفعه اللي احتجتها للرجوع من جديد و الكتابه، و الاهم الرغبه الحقيقيه بالتغيير و حديث النفس بأنه “كفى! حان الوقت للتغير و لا وقت للتراجع!”

      إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s