لماذا تركت مهنة التعليم مبكرا

img-20161021-wa0086

بأستثناء ظرفي البعد الشديد عن الأهل و عدم تقبلي لمجتمع المدينة الساكن بها، هناك عدة اسباب جعلتني اترك قطاع التعليم في اقرب فرصة بديلة وجدتها. في اقل من سنه، قدمت استقالتي! هنا اختصار بسيط لهذه الأسباب -مع التذكير بأنها شخصيه و ليست بمنظور شامل- :

  1. عدم امتلاك مهارات التعليم: للاسف مرت سنة كامله و لم يتم تزويدي بدورات و مصادر تدريب احترافيه تؤهلني ان اكون معلم. تدريب كوادر بشريه (طلابي في هذه الحاله) شي ليس بالهين، و عدم اعدادي لهذه المهمه و تخبطي في الظلام و مبدأ trail and error رأيته ظالم للطلاب قبل نفسي.
  2. فرصة التطور قد تكون ابطئ: و هي مشكلة كنت اسمعها عن القطاع الحكومي كثيرا و الان التمستها بشكل بسيط. رغم التطورات الحاصله، لازلت ارى ان مستقبل المعلم لا يتغير للافضل بشكل سريع -ماديا و معنويا- مقارنة بالقطاع الخاص. رغم ان عامل الثبات الوظيفي و الروتين (انا اعشق الروتين!) هي عوامل محفزة. للأمانه، المؤسسة العامه للتدريب الفني و المهني تمتاز بأبتعاثها المستمر و الكثيف لموظفيها. ايضا، مستقبلها الباهر نظرا لدورها الجذري في المجتمع مؤخرا و في خطة ٢٠٣٠ المستقبليه.  لكنها تفشل في تقديم تدريب “فعال و منتج” لموظفيها.
  3. وجود تحديات في اساسيات بيئة العمل: كمبتدئ رغبت بالعمل في بيئة عمل قد تغلبت مسبقا فيها على المشاكل الاساسيه و انصبت على الابتكار و حل المشاكل الابداعيه و الجديده و الاهتمام بالتفاصيل اليوميه المعتاده. هنا للاسف كانت التحديات كبيره و على مستوى مرتفع عن ما يمكنني انا و فريقي المساعدة به.
  4. التعليم بالمملكة بشكل عام: لا يخفى على مجتمعنا ضعف التعليم -التلقيني و نظام زحلقني*- بالمملكة، رغم الميزانيه المهولة المصروفة عليه و لو اني ارى بأن التعليم الابتدائي كمحتوى تطور بشكل ملحوظ مؤخرا. رغم هذا، فأن معظم طلابي تلقوا تعليم ليس بالجيد اطلاقا اثناء صغرهم، مما جعلهم في حاله متدنيه في تعليمهم و مهاراتهم الاحترافيه في كبرهم. احسست بالعجز ان اُصلح في سنتين ما افسده التعليم في الاثني عشر سنه السابقه في حياة هذا الطالب المسكين!

قد يقول البعض ان السبب هي سياسة التغشف اللتي تمر بها المملكة حاليا و الطمع باموال اكبر. الأمر ليس كذلك اطلاقا، حيث اني قدمت استقالتي قبل ظهور هذه السياسه. لن اتظاهر بالمثاليه، المال شي اساسي و طبيعي البحث عن وظائف ذات اموال اكثر. لكن صدقني، اسأل اي موظف اخذ وقت كافي في وظيفة ذات دخل عالي لكنها لا تناسبه و سيذكر لكن بأن الراحة النفسيه و تلبية الرغبات الشخصيه هي بنفس اهمية الأموال القادمه من الوظيفه.

بعد تقديمي للأستقاله، تم تأجيلها لتسعين يوم حسب الخدمة المدنية الذي يعطي صاحب العمل الحق بتطبيق هذ القانون في حال رغب بهذا الشيئ. اثناء هذه التسعين يوم ترددت في دورات تدريبيه كثيره خاصه بالشركة اللتي وقعت معها عقد الوظيفه الجديده المستقبليه. و هنا بدأت ارى الامور بوضوح تام! حيث امكنني العيش حرفيا في نفس الوقت في القطاع العام و الخاص بنفس الوقت! و رأيت فرق الاحترافيه و بيئة العمل و فرصة اللقاء بشباب ذوي عقليه مختلفه عما اعتدت عليه، مفعمين بالنشاط و الافكار الجميله و النقاشات المثريه و المثيره. و كنت اردد في رأسي “نعم، اختياري كان صحيح، هذا ما كنت ابحث عنه!”.

احذر، لا أعني بكلامي السابق التقليل من شأن وظيفتي السابقه، كما قلت و اكرر، ليست كل وظيفة تناسب كل شخص! الموضوع بهذه البساطه. في عملي الجديد، رأيت ضغط عمل، ساعات اطول، ايميلات اكثر، التحدث باللغه الانجليزية معظم الوقت، ارتياد اجتماعات متكرره، التعامل مع مختلف الجنسيات، دورات تدريبيه شبه شهريه، قوائم اهداف وظيفية يجب ان تحققها كل ربع سنه، اجازات اقصر، و السفر المتكرر. شخصيا كانت مغريات و طريق لتطويري، لكن ذكرتها لزميل عمل سعودي و اصيب بالإشمئزاز من هذا الكم الهائل من المتطلبات! لأن اسلوب العمل هذا لا يناسبه اطلاقا.

 

*زحلقني: يقصد بها الواسطه او غض النظر عن عثرات الطالب في الاختبارات و درجاتهم المتدنيه، قد تمارس بشكل اكبر في المجتمعات الصغيره اذا كان كل شخص يعرف الاخر.

** الصورة بداية الموضوع هي لموضوع القيته على فريقي المصغر اثناء احد الورش التدريبيه الخاصه بشركتي الجديده. الموضوع حدث فجأه حيث طلب من كل شخص القاء كلمة عن اي موضوع يختاره لمدة خمس دقائق مستخدمين فيها بعض من الادوات اللتي تعلمناها في الورشه التدريبيه. كانت تجربه جميله حيث اني فجاه كنت امام مهمه ممتعه و وقت ضيق للتجهيز لها. شكرا لصديقتي تزويدي بهذه الصورة :).

6 آراء حول “لماذا تركت مهنة التعليم مبكرا

  1. تقريبا لنفس الاسباب تركت مهنة التعليم و اتجهت لدراسة الاعلام لان ابرز عنصر وهو التجديد و الابتكار و ترك مساحة حرة للفرد في مكان عمله كان أملي لكن اظن الاعلام هو المكان الصحيح لا قواعد تحكمك خصوصا في اضافاتك العلمية لك حرية التفكير و التصرف :).بالتوفيق لك سعيده لانك تداركت وضعك و عرفت مبكراً البيئة التي تستحقك

    Liked by 1 person

    1. اغبطك على خوض غمار الإعلام، لا اتخيل نفسي استطيع مواجهة التحديات اللتي قد تواجهينها في عملك. و بالضبط، انا سعيد بأني اكتشفت اني لا احب هذه المهنه، و اكثر سعادة بأني عملت على اخراج نفسي منها و البحث عن بديل. في مجتمعنا السعودي ترين الكثير يتشكوا من كرههم لعملهم لسنوات، و واجهت هذا النوع من الناس في عملي الحالي! لكن لا ارى اية جهود لتغيير واقعهم الذي يكرهوه! لم ارغب بان اقع في نفس هذا الخطأ.

      إعجاب

  2. لا اعرف لما حزنت عند علمي بستقالتك، لكن متاكدة من اني سعدت بخوضك في القطاع الخاص . الانتقال يمثل لي مغامرة بحد ذاته متطلعة لتدويناتك عن أثر هذا التغيير فيك
    فليكتب لك الله التوفيق اينما كنت

    Liked by 1 person

    1. الاستقاله كانت خيار مهم و ضروري حقيقة، فهو افضل لي شخصيا، و لعائلتي المستقبليه، و لطلابي كذلك! سوف احرص على كتابة تدوينة اخرى بعد عملي لعدة اشهر في العمل الجديد و المقارنه بينهما و اثر هذا التغيير علي شخصيا 🙂 . شاكر لك مرورك و سأحرص على زيارة مدونتك!

      إعجاب

  3. ” عدم امتلاك مهارات التعليم ” .
    – صديقة لي تم قبولها في أحد الجامعات كمتعاونة بالساعات , المادة التي كانت سوف تقوم بتدريسها لم يسبق لها أن تعلمتها في مرحلة البكالوريوس و الماجستير , و لم يسبق لها أن قامت بتطوير نفسها فيها ” للأسف أن يتم القبول مع معرفتهم بعدم امتلاكها للمعرفة ” , لكن قامت بالإنسحاب رغم الحالة المادية التي تمر بها , حتى لا تُخرج جيل لا يفقه شيئاً . يتشابه التخلي عن وظيفة بسبب عدم امتلاك مهارات التعليم مع المعرفة , كلهما دالة على أمانة الشخص و نزاهته . بالتوفيق أخي عبدالرحمن في عملك الجديد

    Liked by 1 person

أضف تعليق